مقارنات مع كاشغري / الخسيس الذى تطاول على حبيبنا صلى الله علية وسلم
مقارنات مع كاشغري
بقلم : عبدالواحد الأنصاري
لو أن ما كتبه كاشغري من تطاولات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان بخلاف ذلك: مكتوبا عن قبيلة من القبائل، فلربما خرج ممثلون لها وردوا عليه شعرا، وأقاموا مؤتمرات صحفية، وهددوه، بل وربما هددوا معه وزير الإعلام وقالوا له: "إن كان أنت معلن علينا حرب، "فرع" وقول حنا محاربين". ولأعطوه مهلة ثلاث إلى أربع ساعات ليعدل الوضع، وإلا...
لكن لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي كل القبائل لن يتحرك أحد.
ولو أن ما كتبه كاشغري، كتبه مسؤول المرور عن مضاعفة مخالفات ساهر إلى ثلاثة أضعاف، لهاجمته هيئة كبار العلماء بتهمة الربا، وجميع كتاب الصحافة بتهمة الجباية، وربما تجمهر أمام مبنى الداخلية آلاف البشر مطالبين بمحاسبة المسؤول.
لكن لأنه كتبه عن رسول الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسحب من جيوبنا شيئا، فلا أحد سيفعل.
ولو أن ما كتبه كاشغري، كتبه المسؤول عن برنامج حافز، بأن زعم بأن صرف حافز سيتأخر خمسة أعوام، لوجدنا المتجمهرين من يوم الغد متجمعين وهم يحملون صحف المناشدات ومانشيتات المطالبات بمحاسبة المسؤول وردعه عن غيه.
لكن لأنه كتبه عن رسول الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يورث درهما ولا دينارا فلا أحد سيفعل.
ولو أن ما كتبه كاشغري، كتبه المسؤول عن صندوق التنمية العقاري، وقال بأن المبالغ التي ستصرف للمواطنين من الصندوق سيتم خفضها إلى النصف، لحصلت أزمة سياسية واجتماعية في البلاد، ولربما تم عزله من منصبه وإحالته إلى التحقيق قبل شروق شمس ذلك اليوم، كائنا من كان.
لكن لأنه كتبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يترك أرضاً سوى فدك وأوقفها في فقراء المسلمين فلا أحد سيفعل.
ولو أن ما كتبه كاشغري، كتبه مسؤول في وزارة التعليم عن إلغاء تعميد المعلمات
إلخ...
لكن دعونا من هذا الآن، ولننتقل إلى مقارنات أخرى:
حين تكلم ياسر الحبيب في عرض عائشة زوجة رسول الله لم يقعد أحد، وثارت كل الجهات وطولب بمحاكمته حتى خرج من بلاده، وسحبت منه الجنسية، لكن ربما ذلك لأنه من طائفة شيعية، ولديها عداوات سياسية في تلك البلاد وخصومها السياسيون، وللأمر ثمراته وتأثيراته المنشودة فيما يتعلق بالتوسع الإيراني والاختصام الخليجي الإيراني السياسي.
لكن عندما يتكلم شخص في بلاد الحرمين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحدث شيء من ذلك.
وحين صدرت الرسوم الميسئة للرسول عليه الصلاة والسلام من الدنمارك هاج الناس وماجوا وطالبوا بالمقاطعة لدولة الدنمارك مع أنها دولة كافرة، ومورست المقاطعة وتم تنفيذها، وتحركت جميع الفئات الاجتماعية والدينية ورفعت شعار "إلا رسول الله"، وتجمهرت الجماهير الإسلامية من جميع أنحاء العالم للتنديد بهذا الأمر الشنيع. لكن ربما صنع ذلك لأنه حصل في أرض بعيدة عنا، ويمكننا أن نكتفي بمجرد هذه الدعايات والكلمات والأناشيد والأهازيج لنظهر أننا نحب رسول الله ونغضب له.
لكن عندما يحصل في بلاد التوحيد وبين أظهرنا فلا ننتظر أن يحدث شيء.
وحين تكلم البابا في انتشار الإسلام بالسيف تحدث من تحدث ورد من رد، ربما لأن السبب شبيه بالسبب في قضية الرسوم المسيئة والدنمارك.
هذه الحادثة ليست هي الأولى، بل سبقها مقال عبدالعزيز السويد عن توحيد الألوهية، وقبله صنيع يحيى الأمير مع الأحاديث النبوية، وقبله الكاتب نفسه (الأمير) حين استهزأ بسورة التحريم حين استهزأ بآية (بيتا في الجنة) وقال (بحسب المصدر): بيت أو فيلا! وجل ما أخشاه أن نكون في هذه البلاد مثلما هي حال التونسيين في رد الفعل على قناة نسمة حين صورت فيلما عن الذات الإلهية، بل قد يكون رد فعلنا أقل، لأن أولئك على الأقل تجمهروا احتجاجا على القناة، وإن لم يأتوا بطائل من وراء ذلك.
أعرف أن هنالك من سيقول: ثمة من يطالب بمحاكمته، ثمة من يبكي من أجل ما حدث.
المحاكمة لن تأتي بقطمير ولا نقير، وستضيع في أروقة وزارة الإعلام التي تنظر هذه القضايا، أو تلقى نحبها عند الادعاء العام، ونحن نعلم ذلك، وما محاكمة يحيى الأمير عنا ببعيد.
والبكاء ليس سوى اعتراف بأننا عاجزون عن صنيع شيء، وإلا فما بيننا وبين هؤلاء يجب أن يكون أكبر من البكاء.
ما يجب الآن وإلا فلا يتحدث أحد وليسكت الجميع:
هو موقف صريح وفتوى صريحة من هيئة كبار العلماء في هذا الموضوع.
وإحالة هذا المجترئ على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القضاء من جهة الادعاء العام، وبلا تعطيل أو تسويف أو تمييع.
أو أن يخلى بينه وبين شباب المسلمين الغيورين ليثأروا لكرامتنا نحن جميعاً والمسلمين منه.
وإلا فلا نريد أن نسمع بعد اليوم من يطالب بمحاكمة الحبيب، أو بمقاطعة الدنمارك، أو بالرد على البابا، أو غير ذلك من الاسطوانات الإعلامية التي تذاع وتروج فينا من حين إلى آخر.
وإلا فلا يرفعن أحد رأسه بعد اليوم زاعماً أنه مستعد للذب عن دين الله وعرض نبيه، لا على المستوى الرسمي، ولا على المستوى الاجتماعي، ولا على المستوى الفردي.
إن الله تعالى يختار لنصرته ونصرة نبيه من وجد فيهم الأهلية لذلك، ويثبط عن ذلك من ليسوا له بأهل.
ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة، ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين.
--
إن عظيم الهمة لا يقنع بملء وقته بالطاعات
إنما يفكر أن لا تموت حسناته بموته
0 التعليقات:
إرسال تعليق